الكعبةُ قبل الإسلام
بعد أن رفع النبي إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام قواعد البيت، كما ورد في القرآن الكريم، صلىّ وطاف، في أرض فَضاء تحيط بها، وأتمّ بقية المناسك. ثم أمره الله أن يُؤذن في النّاس بالحجّ، فجاؤوا من «كلّ فجّ عميق». فكان أولّ الحجّاج من قبيلة جُرهم المستقرين يومئذ في المنطقة.
تولت “جرهم” أمر مكة والبيت الحرام، كما جاء في المصادر، لكنهم بعد فترة طويلة من الزمن استخفوا بأمر الكعبة واعتدوا على حرمتها، وسرقوا كنوزها، وردموا بئر زمزم. فتحالفت قبيلة كنانة، وهم أحفاد النبي إسماعيل، مع قبيلة خزاعة وأخرجوا جُرهم من مكة.
انفردت خُزاعةُ بسدانة الكعبة والعناية بالحجيج. وتروي المصادر التّاريخيّة أنّ عَمرو بن لُحَيّ، سيدَّ القبيلة وزعيمها، هو أوّلُ من وضع الأصنام حول الكعبة لعبادتها. وقد استمرت هذه الزعامة على مكة لمدة قرون، إلى أن آلت إلى قُصيّ بن كِلاب الذي استخلص مفاتيح الكعبة وأعاد بناءها وأطعم الحجّاج.
كما تقاسمت الطوائف الدينية قبل الإسلام، كما تخبرنا المصادر التاريخية، أركان الكعبة متخذة كل طائفة زاوية تتوجه نحوها تختص بصيانتها. وكان الشعراء يتنافسون لينالوا شرف تعليق قصائدهم على أستار الكعبة رمزا للتفاخر والتباهي بعلو المقام.
لم تكن الكعبة في مأمن تام، إذ استُهدِفَت في العديد من الحوادث، ولعلّ أشدها شناعة، حملة أبرهة (تقريباً ٥٧٠م) ملك اليمن الذي بنى لنفسه كنيسة يُصرّف إليها الحجّاج من العرب. فكانت نهايته مروّعة خَلد ذكرها النصّ القرآني.
قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أعاد سادة قريش بناء الكعبة بعد أن دمرها السيل، حيث رفعوا مستوى الجدران بما يعادل الضعف، وزيّنوها وردوا حِليتها. وقد كان للنبي صلى الله عليه وسلّم دور في هذا البناء لم تُغفل ذكراه كتب السيرة النبوية.