كانت الكعبةُ الشّريفة، قبل الإسلام، بيتًا بُنِيَ على شكل شبه منحرف غير منتظم الأضلاع، لا يتجاوز ارتفاعُ الحائطِ الواحدِ منه أربعةَ أمتار ونصفَ المتر. وكانت غيرَ مسقوفةٍ، توضعُ عليها كسوتُها فتُسدل سدْلًا.
وجُعل للكعبةِ بابٌ بمِصراعيْن وقفلٍ على مُستوى الأرض لحماية الجُبّ الذي بداخلها، الذي كان يُكنَزُ فيه ما يُهدَى إلى الكعبةِ من مالٍ وحلية. ولم يكن بيتُ اللهِ الحرامُ بمنأىً عن الكوارث المُحدِقة به، فقد تعرّض لسُيول عارمةٍ متواترة ولحرائق مدمّرة. فأعيد بناؤه أكثرَ من مرّة.
قبل مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، احترقت كسوةُ الكعبةِ، وتعرّضت جدرانُها للتّصدّع، ففزعت من ذلك قريش، وهابوا هدمها، فأعاد سيّدهم قُصيّ بنُ كِلاب (ت. ٤٨٠ م) عمارتَها. فبُنيت الجدران بحجارة خشنة مقلوعة من الصخور المحلّية في أشكال مربعة. واعتمد طراز البناء على تناوب للصفوف، واحد من خشب والآخر من حجارة.
مع تولي قبيلة قريش للسّيادة على الكعبة، وإثْر تدفُّق سيول من الوديان أدت إلى وَهنٍ في بنائها، اتفق أشرافُها على هدم البناءَ حتى بلغوا الأساس الأوّل وأعادوا تشييد الكعبة من جديد. وقد شارك النبي محمد صلى الله عليه وسلم في هذا البناء ووضع الحجر الأسود بيديه الشريفتين ليمنع بذلك نزاعًا بين سادة قريش.
ارتج البناء وهوى لاحقاً تحت وطأة ضربات المنجنيق أثناء ثورة عبد الله ابن الزبير في عام ٦٤هـ/٦٨٣م، الذي أعاد بناءها مع بعض التغييرات، لكن عبد الملك بن مروان أعادها إلى بنائها السابق المتعارف عليه أيام قريش بعد أن هدم الزيادات التي أحدثها ابن الزبير. ولم تعرف الكعبة بعد ذلك إصلاحاتٍ ذاتَ شأن حتى العهد العثمانيّ، حيث أوْلَى سلاطينُ هذه الدّولةِ عنايةً خاصّة بالأماكن المقدَّسة. وبعد انهيار أجزاء من الكعبة المشرفة بسبب المطر الغزير، أمر السلطان مراد الرابع بإعادة بنائها من جديد سنة ١٦٣٠م.
توالت الإصلاحات بعد ذلك، ولعلّ آخرَها ما تمّ في عهد آلِ سعود، خاصّة في عهدِ الملكِ فهد بن عبد العزيز الذي غيّر السّقف، ورمّمَ الجدرانَ، ووسّع الحرمَ المكّيّ.
لمزيد من المعلومات، لطفًا اضغط على الصورة المعروضة
كوكب الحج في سفر المحمل بحرًا وسيره برًا
محمد صادق بيك (ت. ١٣٢٠هـ/١٩٠٢ م / مطبعة بولاق، القاهرة، ١٣٠٣هـ /١٨٨٦م)
رسم للكعبة وما حولها
ألوان مائية على ورق، تركيا على الأرجح، القرن ١٣ الهجري / القرن ٢٠ الميلادي
فتوح الحرمين
(محيي الدين محمد الشيرازي اللاري (ت. ٩٣٣ هـ / ١٥٢٧م
شبه القارة الهندية، القرن ١١ الهجري/ ١٧ الميلادي تقديرًا
لوحات أطلس رحلة علي بك دومينغو باديا ليبلش (ت. ١٢٣٣ هـ / ١٨١٨ م)
صور من مكة
رحلة مشعل المحمل: رسالة في سير الحاج المصري برًا
محمد صادق بيك (ت. ١٣٢٠هـ/١٩٠٢ م)
مطبعة وادي النيل، القاهرة ١٢٩٨ هـ / ١٨٨٨م
